اضطراب التوحد يمثل نسبة غير قليلة عالمياً حيث يتم تسجيل طفل من كل 100 طفل مصاب بالتوحد. وهو من الاضطرابات المعروفة بصعوبتها في التواصل، والتفاعل الاجتماعي، والسلوكيات مما يدفع الآباء دائماً على التساؤل كيف أتعامل مع طفلي المتوحد؟ وخاصةً أن المصابين بالتوحد غالباً ما يعانون من اضطرابات نفسية أخرى مصاحبة لاضطراب التوحد مثل الاكتئاب، والقلق، ونوبات الصَرع، واضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه وغيرها من الاضطرابات. وسنتعرف من خلال موقع تكلم على أسباب التوحد الرئيسية، وكيفية التعامل مع طفلي المتوحد وكل ما يخص التوحد بشكل عام.
ما هو التوحد؟
التوحد هو حالة نفسية تؤثر على الطفل، وتعيق استمراره في الحياة بشكل طبيعي، وتمنع تفاعله الاجتماعي مع البشر، وتجعله يميل دائماً إلى العزلة، والانغلاق حول نفسه دون الاهتمام بمن حوله من أشخاص حتى أفراد عائلته.
ويمكن اكتشاف هذه الحالة مبكراً في مرحلة الطفولة ولكن لا يمكن تشخيصها إلا بعد مرور هذه المرحلة بفترة. وعلى الرغم من أن التوحد معروف بانعزال الطفل عن العالم الخارجي بشكلٍ عام إلا أن تشخيص التوحد يختلف من شخص لآخر، ولا يمكن تشابه أي حالة مع أخرى.
اقرأ أيضًا: كيف أتحكم في عصبيتي مع أطفالي
ما هي أسباب التوحد؟
يجب معرفة أهم 7 أمور مسببة للتوحد قبل كل شيء للتمكن من معرفة كيفية التعامل مع طفلي المتوحد وهذه الأمور هي
-
تأثير العامل الوراثي
يكون الطفل أكثر عرضة للإصابة بمرض التوحد في حال كان أحد الأبوين مصاب به أو أحد أفراد الأسرة عامةً مثل الأخ، أو الأخت، لأن العامل الوراثي يؤثر بشكل كبير على الطفل المولود حيث تعمل بعض الجينات لدى الشخص المصاب على تحفيز نسبة إصابة طفله بالتوحد أيضاً.
-
الحمل والولادة
توجد معتقدات حول اعتبار فترة أثناء وبعد الحمل والولادة هي أكثر الفترات التي يتطور فيها حدوث التوحد، نظراً لما تتعرض له الأم الحامل من مواد كيميائية، وعقاقير معينة، ومضاعفات صحية كالولادة المبكرة، والحمل بتوأم، وانخفاض وزن الطفل. بالإضافة إلى ذلك يؤثر شرب الكحول، والمشاكل الصحية كالسكري، والسمنة المفرطة على الطفل، ويجعله أكثر عرضة للإصابة أيضاً.
-
بعض الاضطرابات الأخرى
يرتبط التوحد ببعض الاضطرابات الأخرى مثل
- الحصبة الألمانية.
- بيلة الفينيل كيتون وهو أحد أنواع الاختلالات الأيضية المعروفة.
- متلازمة الكروموسوم الهش X.
- متلازمة توريت.
- التصلب الحدبي.
- نوبات الصرع.
-
خلل في الدماغ والجهاز العصبي
- هناك اعتقاد من بعض الباحثين العلميين حول اعتبار “اللوزة Amygdala” أحد أسباب تحفيز ظهور التوحد، وهي جزء أساسي من الدماغ.
- وهناك اعتقاد من بعض آخر من الباحثين أن هناك بعض الجينات المؤثرة على تطور الدماغ ونموها، وتؤثر على اتصال خلايا المخ ببعضها أيضاً.
-
عُمر الأم والأم
يؤثر عمر الوالدين على الطفل حيث تزيد نسبة خطر إنجاب طفل متوحد عند تقدم الأب والأم في العمر، وخاصةً عند إنجاب طفل وعمر الوالدين يتجاوز الأربعين سنة.
-
تأثيرات بيئية
يعتقد الباحثون العلميون أن للبيئة أثر كبير على الإصابة بمرض التوحد أي أنها قد تزيد أو تقلل من نسبة الإصابة عند من لديه جينات وراثية مضطربة، ومستعد للتأثر. فمثلا يمكن أن تؤثر عدوى فيروسية أو التعرض لهواء ملوث أو سموم بيئية أخرى على الطفل وتحفز تعرضه للتوحد.
-
تأثير بعض اللقاحات
على الرغم من عدم وجود دليل ملموس حول تسبب اللقاحات في الإصابة بمرض التوحد إلا أن هناك نقاشات كبيرة حول هذا الموضوع، ولكن تم التراجع في الفترة الأخيرة عن الدراسات التي تبحث عن العلاقة الغريبة بين اللقاحات، ومرض التوحد نظراً لضعف أساليب هذه الدراسات.
اقرأ أيضًا: الفرق بين الطفل الخجول والطفل التوحدي
كيفية التعامل مع طفلي المتوحد
هناك 7 أمور مهمة يجب فعلها لمعرفة كيفية العامل مع طفلي المتوحد بشكل صحيح :
-
القراءة الكثيرة ومذاكرة كل ما يخص مرض التوحد
للتوقف عن التساؤل كيف أتعامل مع طفلي المتوحد؟ يجب عليك البدء أولاً في القراءة عن التوحد لفهم حالة طفلك، ومعرفة العوامل التي تؤثر على سلوكياته، ونفسيته، ومهاراته سلباً. بالإضافة إلى ذلك يجب التواصل مع طبيبه النفسي، ومتابعة حالته بشكل مستمر.
-
معرفة اهتمامات الطفل والتحدث معه عنها
كيف أتعامل مع طفلي المتوحد؟ تعد صفة اهتمام الطفل المبالغ فيه بشيء معين أو الابتعاد المبالغ فيه عن الشيء هي أحد أكثر السلوكيات الموجودة عند الطفل التوحدي لذا من السهل معرفة اهتماماته، والتوصل لما يشعره بالسعادة والارتياح، والتحدث معه بعد ذلك حول هذه الاهتمامات.
-
تقبل الطفل كما هو
في بعض الحالات يفقد الطفل المتوحد كل ما اكتسبه من مهارات إيجابية بشكلٍ مفاجئ مما يؤدي إلى تعرض الأبوين إلى خيبة أمل لا توصف، ولكن يجب على الأبوين التحلي بالصبر، وتقبل وضع الطفل كما هو للتمكن من الاستمرار في الحياة، وتقوية الطفل، ومساعدته على التقدم.
-
التواجد بجانب الطفل في لحظاته الصعبة
كيف أتعامل مع طفلي المتوحد؟ من أهم النقاط التي يجب عليَّ كأم أو أب التركيز عليها وهي أن رد فعل طفلي المتوحد لا يشبه رد فعل باقي الأطفال في المواقف العادية، على سبيل المثال يخاف الطفل التوحدي عند التواجد في أماكن غير مألوفة على عكس الطفل العادي، وواجب الأبوين هنا هو توفير بيئة مريحة ومألوفة له، والتواجد بجانبه عند التعرض لأي لحظات صعبة في أي وقت.
-
تشجيع الطفل على التواصل الاجتماعي وتكوين أصدقاء
على الرغم من أن التوحد يؤثر على تواصل الطفل، وتفاعله الاجتماعي مع الآخرين إلا أن أكثر ما يتوق له معظم أطفال التوحد هو تكوين الصداقات، وعلى الأبوين تشجيع طفلهم وتسهيل هذه الخطوة عليه. مثلا يمكن أن يقوموا بدعوة طفل توحدي آخر إلى المنزل، ويتركوا له المساحة للتقرب منه والتفاعل معه.
أمور لا يجب فعلها عند التعامل مع طفلي المتوحد
- عدم المبالغة في إلقاء الأوامر والتعليمات للطفل: نظراً لما ذكرناه حول تأخر استيعاب الطفل المتوحد، وبالتالي تؤثر كثرة إلقاء الأوامر والتعليمات في آنٍ واحد على الطفل بشكل سلبي.
- الابتعاد عن إظهار نظرات الشفقة على آباء أطفال التوحد: لأن كثرة إظهار الشفقة تسبب إزعاج كبير لهم، ويمكن للطفل أيضاً الشعور بشفقة الآخرين عليه، وفهم نظراتهم له، ونتيجة لذلك قد يشعر الطفل بأنه غير مرغوب به، أو أنه مخطئ في أمرً ما.
- لا تفترض عدم إمكانية التواصل مع أطفال التوحد غير اللفظيين: لأنه في كثيرٍ من حالات التوحد لا يتمكن الطفل من التحدث مع الآخرين، ولكن يمكنه التواصل بأفعال مختلفة مثل (الإشارة – الغمز – العناق – عبوس الوجه – الابتسام – الضرب – الابتعاد والتجنب).
- عدم أخذ الأمور بشكل خاص وعلى محمل شخصي: قد يقوم طفل التوحد غالباً بأمور مزعجة كالصراخ، والدخول في نوبة بكاء فجأةً، وقد يذهب ويتركك ولا يبالي لك أثناء حديثك معه، لذا يجب على الأبوين ألا ييأسوا وأن يتحلوا بالصبر ولا يأخذوا رد فعل الطفل على محمل شخصي أبداً.
الخاتمة
في ختام الموضوع من المهم جداً على الأبوين قبل التساؤل عن كيفية التعامل مع طفلي المتوحد أن يكون لديهم الوعي الكافي بأن طفلي المتوحد لا يشبه الطفل العادي في تفكيره، واهتماماته، واحتياجاته، المختلفة، وأكثر ما هو بحاجة له في هذه الحياة هو المعاملة الحسنة واستيعابه، والتصرف بلطف معه، والاهتمام به. ويجب أيضاً أن أنتبه على تصرفاتي أثناء التعامل معه لأنه سريع التأثر بأي شيء، وقد يؤثر أي تصرف خاطئ غير مقصود بشكل سلبي عليه.