ترى هل تستطيع أن تتخيل طفل صغير لطيف، يمكن أن يكون سبب في معاناة وتوتر وقلق وغضب بيت بأكمله؟ ويمكن أن يصل الأمر في بعض الأحيان إلى حدوث خلافات بين الوالدين بسبب الضغط العصبي الذي يسببه هذا الصغير ببكائه المستمر، حيث أن الأطفال لديهم قدرة على العناد والمثابرة والاستمرار في البكاء بشكل متواصل، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان أعصاب الأهل ويدفعهم إلى الصراخ على الطفل النكدي.
وفي هذه الحياة هناك القليل من الأشياء المؤكدة، ولكن هناك شيء مؤكد يمكنك الاعتماد عليه دائمًا وهو أن الأطفال متقلبون المزاج. وهذه هي المشكلة التي يواجهها الآباء في التعامل مع الطفل النكدي، المتقلب المزاج، سريع الغضب. لذلك سنحاول من خلال موقع تكلم توضيح كيفية التعامل مع الطفل النكدي، ولماذا يلجأ الطفل إلى النكد؟ وطرق وأساليب التعامل مع طفلك النكدي.
لماذا يلجأ الطفل إلى النكد؟
تعد معظم التقلبات المزاجية التي يعاني منها الطفل هي جزء طبيعي جدًا من نموه، ويجب عدم الخلط بينها وبين سوء السلوك. حيث أن الطفل قد يلجأ إلى البكاء كوسيلة للتعبير عن مشاعره، ويمكن أن يدخل في نوبة بكاء حادة على أتفه الأسباب، ولكن لماذا يلجأ الطفل إلى النكد؟؟ والكثير من الأسباب قد تؤدي إلى تلك المشكلة، بعض هذه الأسباب هي أسباب تنموية بحتة، وبعضها يحتاج إلى تعديل سلوك الطفل.
أهم أسباب مشكلة الطفل النكدي
سنتعرف هنا على أهم أسباب مشكلة الطفل النكدي وهي ما يلي:
-
لا يمكنهم التعبير عن رغباتهم واحتياجاتهم (الطفل بين عمر 1 و 3 سنوات)
بالنسبة للأطفال في هذه المرحلة العمرية، فإن العالم رائع ودائم التغير، ولكن في الحقيقة الأمر محبط حيث أن الطفل في هذه المرحلة لديه محصلة لغوية قليلة جدًا، في الغالب لديه مفردات مكونة من 20 كلمة، فلا يستطيع الطفل التعبير عن احتياجه وبالتالي يلجأ إلى النكد والبكاء.
لذا حاول الهدوء، والتعامل مع الوضع بحكمة، ساعد الطفل عن طريق الإشارة إلى الأشياء وتسميتها، يساعده ذلك على توسيع مفرداته، حتى يتمكن من التعبير عن رغباته.
-
الأطفال ليس لديهم مفهوم عن الوقت
هناك جانب إيجابي في هذه النقطة حيث أن عدم وجود مفهوم للوقت يساعد الأبوين على سرعة إلهاء الطفل، لان مثلما تبدأ نوبة بكاء الطفل النكدي سريعًا، تسهل عملية إلهاء الطفل وتشتيت انتباهه، كالخروج به من الغرفة، أو تحضير حمام له يساعده على الاسترخاء.
-
عدم تحكم الأطفال في مشاعرهم
الأطفال الصغار ليس لديهم مهارات التفكير المنطقي لتجاوز نوبات البكاء، وليس لديهم القدرة على التحكم في عواطفهم ومشاعرهم، لذلك يجب التحدث مع الطفل واحتوائه،ومحاولة تهدئته عن طريق اللعب معه واحتضانه وتشجيعه وهنا يمكن تغير نوبة الطفل النكدي وتجاوزها.
-
عدم القدرة على القيام بمهام متعددة
الأطفال بشكل عام لديهم مشكلة في التبديل من مهمة إلى أخرى، لا يستطيع عقل الطفل القيام بمهام متعددة لذلك لا تقوم بإعطاء الطفل أوامر متتابعة، كأن تقول اغسل أسنانك وأخرج من الحمام، ولكن الأفضل أن تحدث الطفل بما سيقوم به على التوالي الأطفال لديهم فهم قوي لعملية التسلسل، تقوم بتوضيح وشرح ما سيفعله الطفل، كأن تقول له ” الآن أنت في الحمام ستقوم بغسل أسنانك وبعد الانتهاء تخرج من الحمام”. ويستطيع الأطفال التركيز على نشاط واحد تلو المرة، حيث أن تعدد المهام والطلبات من الطفل تشتت انتباه وتجعله سريع الغضب ويتحول إلى طفل نكدي.
-
عناد الأطفال ورغبتهم في السيطرة
يحدث أحيانا أن يدخل الطفل في نوبة بكاء لأنه لا يستطيع أن يرتب ألعابه كما يريد، يمكن أن يكون لعدم قدرتهم الجسدية، أو ليس لديهم المهارات الكافية للقيام بما يريدون، أو أن يقابل فعله بكلمة “لا” من الأم أو الأب، وهنا يظهر الطفل النكدي وتبدأ نوبات الغضب.
يجب على الأهل محاولة تخفيف نوبات النكد من خلال تهدئة الطفل وإعطائه خيارات معقولة يمكنهم من خلالها التحكم في النتيجة، مثال: الطفل يريد أن يلعب بجهاز التحكم، إذا قامت الأم في هذه الحالة بسحب الجهاز من الطفل، فستقابل نوبة بكاء وغضب، ولكن الأفضل هو طرح عدة خيارات أمام الطفل كأن تقول له تلعب بالكرة أم السيارة؟ هنا لم يقم المربي بإعطاء الطفل فرصة اختيار جهاز التحكم، إذا هو المسيطر على نتيجة الاختيار.
طرق وأساليب التعامل مع الطفل النكدي
كيفية التعامل مع الطفل النكدي: أولا يجب على الآباء فهم طبيعة اختلاف شخصيات وطباع الأطفال، لكل طفل طريقته الخاصة للتعبير عن مشاعره وعواطفه، لذلك يجب التعامل بذكاء وهدوء مع الطفل لاختيار الأسلوب المناسب لشخصيته.
طرق وأساليب التعامل مع الطفل النكدي … السر هنا يكمن في سيطرة المربي على أعصابه ومحاولة الهدوء والتصرف بحكمة وذكاء. ورغبة الطفل في السيطرة على الأمور، ورفضه لأوامر الأب أو الأم، هو سلوك غير صحيح ولكن التعامل بإيجابية مع عناد الطفل وتنمية شخصيته القوية، أفضل من تعنيفه وتدمير شخصيته، وهو ما يؤثر بطريقة سلبية على نفسية الطفل وعلى تطور مهاراته الاجتماعية وتجعله شخص ضعيف. لذلك فإن أفضل الطرق للتعامل مع الطفل النكدي هي:
- تعزيز مهاراته اللغوية لكي يستطيع التعبير عن غضبه إذا كان طفلك صغير.
- أما إذا كان الطفل كبير ويستطيع فهم الأمور فيمكن مساندة الطفل بدعمه والسماح له بإبداء رأيه، ومساعدته على اتخاذ القرارات.
لكي تنجح تلك الطريقة يجب على المربي
- محاولة فهم الطفل والنزول لمستواه العقلي والنظري وتوضيح السلوك الصحيح.
- عدم التعالي على الطفل ومحاولة التقرب إليه واستخدام الأسماء المحببة له.
- أيضا يجب التركيز على نبرة الصوت، لا بد أن تكون نبرة صوت الأم أو الأب هادئة وحازمة.
- اختيار أسلوب ذكي للتحدث إلى الطفل والقيام بتحويل الطلب إلى تحدي مرح يقوم به الطفل بغرض اللهو لا بغرض الامتثال للأمر.
- تشجيع الطفل وتحفيزه والقيام بمدح سلوكه الصحيح، هو أسلوب فعال في التعامل مع الطفل النكدي، حيث يؤثر مدح الطفل على نفسيته بالإيجاب ويجعله راغب في تعديل سلوكه السيئ.
عقاب الطفل النكدي
تجدر الإشارة إلى أن عقاب الطفل النكدي الغرض والهدف الأساسي منه هو تقويم وتعديل هذا السلوك السلبي لدى الطفل. ويجب مراعاة عمر الطفل ومدى فهمه لمبدأ العقاب:
- يمكن معاقبة الطفل عن طريق حرمانه من ألعابه المفضلة لبعض الوقت.
- استخدام أسلوب الاعتذار وتصحيح السلوك السيئ بآخر إيجابي، فإذا قام الطفل ببعثرة ألعابه فإنه يجب عليه أن يعيد ترتيبها.
- أسلوب عقوبة الوقت المستقطع، يقوم هذا على العقاب على حرمان الطفل من نشاط معين، لمدة محددة وفقا لعمر الطفل أو جعل الطفل يجلس على كرسي دون حركة لبعض الوقت، يقدر الوقت المحدد للعقاب دقيقة لكل سنة من عمر الطفل.
أكد بعض الباحثين على عدم جدوى العقاب بالوقت المستقطع، لأن العقاب بهذا الأسلوب غير فعال، لأنها تركز على تأدية العقاب وليس تقويم سلوك الطفل الغير صحيح وتأديبه.
الخاتمة
وختامًا أناشد الأم أو الأب بالانتباه إلى شخصية الطفل والاهتمام به والتغاضي عن بعض الأفعال التي تصدر منه، وفهم أن من الطبيعي لنمو الطفل النفسي أن يلجأ إلى النكد في بعض الأوقات، الوقوف على أسباب مشكلة الطفل النكدي، ومعالجة السلوك المؤدي لتفاقم تلك المشكلة، والاعتماد على الأساليب الذكية في التعامل مع الطفل النكدي، كلها أمور تساعدك عزيزي المربي على تخطي تلك المرحلة وتعديل سلوك الطفل وتقويمه.
Comments 1